1340 | 2 | 7.55 MB

0.00

0

كتاب ثورات قلقة تأليف مجموعة مؤلفين، لا يدخل الكتاب في التداول السياسي اليومي للتحولات في عدد من دول مجتمعات العالم العربي، بل يستقرئ ما يتعدى اللحظة السياسية، ساعياً إلى معاينة الآثار والتداعيات العميقة للتحولات وما تنطوي عليه من أبعاد تاريخية يتقرر بتأثيرها المصير المقبل للجغرافيا الحضارية للعالمين العربي والاسلامي، وتعكس دراسات الكتاب التي أعدّتها مجموعة من الباحثين تنوعاً في وجهات النظر وقرارات مختلفة وآراء متباينة، بل متناقضية أحياناً حيال التحولات المستمرة.
والأبحاث التي يحتويها الكتاب هي في معظمها نصوص محاضرات وندوات ألقيت في مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي بالتنسيق والتعاون مع مركز دلتا للأبحاث المعمقة في بيروت.
ومما جاء في الكتاب: حتى لو اتفقنا على التعامل بإيجابية مع العناوين الشائعة في الخطب الإعلامية والسياسية والفكرية لجهة تعريف التحولات بأنها ثورات فتحت باب التغيير الديموقراطي، فإننا لا نغفل الشبكة الهائلة من التعقيدات والتدخلات التي تدفع بالحادث الثوري نحو فوضى الاحتراب الأهلي والتفتيت الوطني، لذا فان الرؤية الأكثر اقتراباً من الواقع تشير الى أن الحادث العربي في مجمل أقطاره وساحاته، يحوطه ضباب كثيف، لكنه مفتوح على احتمالات ووعود لا حصر لها.
أما العنوان، فيشير إلى "جيولوجيا مجتمعية"، تتعدد أسبابها ومحركاتها مثلما تتنوع المؤثرات والعوامل الداخلية والخارجية المؤدية إلى انفجارها وديمومتها. ومن الأسئلة التي تشغل دوائر الأبحاث وتحليل الباحثين: إلى أي نوع من الثورات تنتمي الانتفاضات الشعبية؟ هذا ما تحاول بعض الأبحاث الاجابة عنه.
إلى أي نوع من الثورات تنتمي الثورات العربية؟
هل تنتسب إلى ثورات الحداثة وتشكل استمراراً لقوانينها التاريخية، أم أنها ثورات جاءت من عالم المفارقة، إذ لا صلة نسب لها بأي من الثورات الكبرى في التاريخ، لا في مقدماتها ولا في نتائجها، فضلاً عن قواها وشعاراتها؟
إن القلق الذي يَسِم راهن "الثورات العربية" ومستقبلها، ذو دواع كثيرة في مقدمها الاضطراب المتمادي في تعريفها. وحرص الفاعلون فيها والمعنيون بها على إعطاء تعريفات تعكس رؤاهم ومواقعهم ومصالحهم، ما جعل الثقافة السياسية العربية تستغرق في فوضى المصطلحات، حتى غدت فيها مفاهيم الثورة والنهضة والتحرير موازين لمفاهيم الفوضى والاحتلال والحروب الأهلية.