يا له من عنوان شيق: "ابتكار الألم" هذا الذذ اتخذه القاص الجزائري محمد جعفر عنوانا لكتابه القصصي. فالألم هنا وهو شعور أو انفعال يمتاز الكائن البشر بوعيه له، لا يقع فقط على ضحية، وليس مجرد قدر تعيس أو مفاجأة صادمة ،ولكنه ويا للغرابة موضوع بحث عنه واسدراج له ، وإلى درجة يتم معها اجتراحه، أو "ابتكاره" على حد تعبير المؤلف ومن دون الوقوع في غواية المازوخية " تعذيب الذات".
وما يضيفه محمد جعفر في هذ الأضمومة، هو السرد الواقعي الذى يبدو في ظاهره تقريريا مباشرا يتجه إلى قارئ راهن وحاضر، فيما هو في واقع الأمر سرد زاخر بالظلال والمعاني التي تمو في ثنايا السرد، أو تضيئها اللقطات المتتابعة لبؤرة الحدث ولكل ما يحف بها عبر لغة مشرقة ودقيقة، لا محل فيها للتزيد النصي أو الإغراق من الوصف ، أو إثارة عاطفية "الميلودراما".
وبقراءة هذه المجموعة يتعرف القارئ على مبدع موهوب، يشق طريقه بأناة وثبات، وبخصوصية واقعية جديدة تستفيد من إنجازات السرد في العالم من حيث الإفادة من لغة الصحافة ومن اللقطات شبه السينمائية ومن كسر الحاجز "الوهمي" مع المتلقي. ما يجعل هذه المجموعة مدعاة للترحيب والاحتفاء بها.
محمد الريماوي