1317 | 1 | 15.58 MB

0.00

0

أما بعد الناظر في أحوال الأمة المحمدية في هذه الأزمان المتأخرة يجد عامَّتها قد أقبل على ملذات وحطام هذه الدنيا الزائلة لا يبالي أيُحَصِّلُها بطريق مشروع أو محظور 
ومن المعلوم في طبِ القلوب 
أن خلو الأذهان والقلوب من المعاني الراسخة التي توجب فيها الرجوع والتمسك بالأصل العتيق العريق القديم سبب في ذلك ومن أعظم تلك المعاني العظيمة معرفة حال الإنسان المُسلم (المُسَلِّم لأحكام ربه) 
أين قراره وما صفة الديار التي سيستقر بها وسيخلد فيها أبد الآبدين
وهل تلك المعاني العظيمة تدفع في القلب شوقاً عظيماً يحرك تلك الجوارح الى التمسك بالأصل المحمود (طاعة الله) والصبر على المسير الى تلك الدِّيار
نعم أين القرار السرمدي أين الشوق الغائب لتلك الدِّيار ومتى يرسخ في القلوب ,
يرسخ في القلوب بمعرفة تلك الديار والصبر على الطريق إليها في هذه الدنيا
إن الله بيَّن ووصف تلك الديار التي جعلها نهاية المسير 
بيَّن مكانها بيَّن من سيسكنها بيَّن صفاتها التي اذا استرسلت النفوس في التفكر بمعانيها ماتت حسياً أو معنوياً 
فالحِسِّي أن تموت شوقاً لتلك الديار (بلاد الأفراح) كما حدث مع بعض السلف
أما المعنوي أن تموت الشهوة المفرطة التي تسلك بصاحبها الى مهاوي الردى  
وأمسك الله عن بعض صفاتها لحكمة أرادها 
نعم ليزداد الشوق والحرص والتمسك بالصبر والمقصد 
لله در القائل (ابن القيم) 
وَلَقَدْ وَصَفْتُ طَرِيْقَ مَسْكَنِهَا فإنْ ... رُمْتَ الوِصَالَ فلا تَكُنْ بالوَانِي
أَسْرِعْ وَحُثَّ السَيْرَ جَهْدَكَ إنَّمَا ... مَسْرَاكَ هَذَا سَاعَةً لِزَمانِ
فاعْشَقْ وَحَدِّثْ بالوِصَالِ النَّفْسَ... وَابْـذلْ مَهْرَهَا مَا دُمْتَ ذا إمْكَانِ
لاَ يُلْهِيَنَّكَ مَنْزِلٌ لَعِبَتْ بِهِ ... أيْدِي البِلاَ مِنْ سَالِفِ الأَزْمَانِ
فَلَقَد تَرَحَّلَ عَنه كُلُّ مسَرَّةٍ ... وَتَبَدَّلَتْ بالهَمِّ والأَحْزَانِ
وأما السائر الى ربه السالك مسلك الأنبياء الغريب في الدنيا المشهور في السماء فلله دره وعلى الله أجره وأول فرحة له تشفي صدره أتم شفاء عندما تطأ قدمه الأولى تلك الديار اللهم اجعلنا من أهلها
لله در القائل (ابن القيم)
 أَلَمْ تَرَ أَنَّ الدَّهْرَ في كُلِّ سَاعَةٍ ... لَهُ عَارِضٌ فِيْه المَنِيَّةُ تَلْمَعُ
فلذلك نقول وباله تعالى التوفيق 
قد رغبنا في جمع ما تفرق من الأحاديث النبوية والآثار السلفية (القرون الأُول) في سفر 
ولا أزعم أني أول من جمع فقد سبقني كثير من الحفاظ والعلماء في ذلك رواية ودراية ولكن عند النظر والسبر يقف المحقق على أن جملة ما أُلِّف في هذا الباب إما أنه يحتاج الى تتمات وزيادات أو يفتقر الى مادة علمية تتم به وليس ذلك مما يُلام عليه فلكل مصنف شرطه ومنهجه
فمنهم من أفرد هذا الباب (بجزء حديثي) بذكر الأحاديث والآثار بالسند
مثل ابن أبي الدنيا والأصبهاني (والمقدسي بدون سند) وغيرهم
ومنهم من ذكر هذه الآثار في باب مفرد لكن ضمن مصنف جامع أو سنن أو غير ذلك كأصحاب الكتب الستة وعامة كتب الحديث المسنودة وغير المسنودة (مصنفات أو صحاح أو سنن أو أمالي أو تفسير أو … )
ومنهم من ألف على طريقة المتأخرين ضبطاً وتحقيقاً
مثل ابن القيم رحمه الله فيذكر الحديث وفقهه وتوجيهه وبطريق أهل السلوك (رواية ودراية) ولكن يحتاج الى تتمات وزيادات وتهذيب وتنقيح 
ومنهم من جمع من باب أدبي بأن يذكر قصص وقصائد ونثر وشعر في ذلك أو يصف الجنة بالبلاغة 
( ومنهجنا في جمع المتفرق يكون على النحو الآتي )
ذكر الكتب التي تحوي الأبواب والفصول والمسائل
الكتاب الأول     زمن الغربة والفتن
افتراق الأمة
غربة الإسلام (أهل السنة) وزمن الفتن
الكتاب الثاني     دَعْوَةٌ إِلَى التَّشْمِيرِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْجَنَّةِ
دَعْوَةٌ إِلَى التَّشْمِيرِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْجَنَّةِ 
عرض الرب سلعته الجنة على عباده وثمنها الذي طلبه منهم وعقد التبايع الذي وقع بين المؤمنين وبين ربهم 
توقيع الجنة ومنشورها الذي يوقع به لأصحابها بعد الموت وعند دخولها
في طلب أهل الجنة لها من ربهم وطلبها لهم وشفاعتها فيهم إلى ربهم عز وجل
الكتاب الثالث    مستقر الأرواح قبل يوم القيامة 
خروج الروح
أرواح الأنبياء
أرواح الشهداء
أرواح المسلمين
أطفال الموحدين 
الكتاب الرابع    الجنة وملكها ونعيمها وصفتها
الباب الاول         ملك الجنة ودرجاتها (تحته فصول ومسائل)
الباب الثاني          صفة الجنة (تحته فصول ومسائل)
الباب الثالث        صفة متاع أهل الجنة  (تحته فصول ومسائل)
الباب الرابع         طعام وشراب أهل الجنة (تحته فصول ومسائل)
الباب الخامس       صفة أهل الجنة ونعيمهم (تحته فصول ومسائل)
الباب السادس      أحوال أهل الجنة (تحته فصول ومسائل)

الكتاب الخامس   مسك الختام 
الباب الاول          قصائد – ونثر - وأقوال بليغة (في وصف الجنة)
* (الدرر البهية في الترغيب الى الجنة العلية)
* (القول البليغ في وصف جنة النعيم)
الباب الثاني          قصص المشتاقين إلى الجنة 
* مسائل في أحكام القصص والرؤيا والكرامات
* (شوق العباد الى جنة الرحمن)
* (مصارع العشاق على أبواب الملاحم والجهاد)    

(مفتاح السفر)
* مسائل في الآثار الموضوعة والضعيفة 
* بعض المسائل في طرق التفسير والكتب
------------------------------------------------
*  تقسيم موضوعي تفصيلي
* ذكر جملة من الآثار في زمن الغربة والفتن
* ذكر جملة من الآثار والمسائل في التشمير الى الجنة
* ذكر جملة من الآثار والمسائل في مستقر الأرواح وحال الروح قبل يوم القيامة
* جامع الآثار (في الجنة - ملكها ونعيمها وصفتها وأحوالها) وقد سبرنا عامة كتب وأسفار الاسلام المتقدمة والمتأخرة لجمع المادة العلمية المتفرقة وجمعنا عامة الأحاديث والآثار (مع القرآن) التي في الباب (وهي قريب من 2000) (الأصل أما الطُرق فهي كثيرة) حديث وأثر مع فرزها فرزاً موضوعياً كل حديث الى بابه 
وفي الحواشي عزو كل حديث الى مصنفه من المسندين مع ذكر حكم بعض العلماء مما وقفنا عليه وذكر حال الرجال من كتب علماء الجرح والتعديل
ولا يستوحش القارئ أو الطالب اذا ما وجد بعض الأحاديث الضعيفة فقد ذكرناها ليُبان حكمها 
أو تكون من باب الترغيب أو غفلنا عنها (لم نقف على حكمها أو نسيناها) 
* غريب الحديث والأثر لا شك أن كثيراً من الأحاديث التي فيها وصف للجنة فيها ألفاظ لا تعرف معانيها العامة بل وكثير من الطلبة فجمعنا في كل باب ما يتعلق به من الغريب وبيناه من كلام أهل اللسان من المتقدمين وقد ننقل عن بعض المتأخرين
* الدرر -  تكلم ابن القيم رحمه الله بأسلوب بليغ في وصف الجنة فاعتنينا بذكر عامة أقواله التي في حادي الأرواح وأثبتناها في الحواشي ( كل قول في بابه )
* ذكرنا مسائل مهمة في كثير من الأبواب مما وقفنا عليه من كتب الأئمة فهذا باب نافع لتعلق الكتاب به 
* الفرائد والغرائب ختمنا كتابنا هذا بالكتاب الخامس وهو مسك الختام (قصائد في وصف الجنة - قصص المشتاقين إلى الجنة) جمعنا عامة القصائد الشعرية والنثرية والأقوال البليغة في وصف الجنة وذلك ببحث شامل في كتب العلماء مما وقفنا عليه (وكذلك ما هو مشهور على الألسن في هذا الزمن) فبين يدي القارئ ما يقرب من (150) صفحة في ذلك أما القصص فقد ذكرنا عامة القصص المذكورة في كتب أهل الإسلام وأشهرها مشارع الأشواق لابن النحاس الدمياطي والجهاد لابن المبارك التي فيها الأنس القلبي والشوق الروحي وهي أكثر من (65) قصة لا تجدها مجموعة في غير هذا المصنف (من قصص المجاهدين وبعض العباد)
* ذكر مسائل مهمة في أحكام الرؤيا والقصص والكرامات 
* ذكر مسائل مهمة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة وكذلك طرق التفسير وطرق بعض الكتب
* وفي النهاية الفهارس على طريقة البحث العلمي وباقي التفاصيل تضح في هذا السفر والله المستعان