1434 | 10 | 4.15 MB

0.00

0

يحتوي هذا الكتاب على مجموعة من الدراسات التي تهتم بالشأن الكُردستاني. وقد نُشرت هذه الدراسات منفصلة في مواضيعها، وعلى فترات متلاحقة سابقاً، وتعود بعض نصوص هذا الكتاب إلى المرحلة الجامعية، كنتُ قد كتبتها أثناء دراستي، وقد نشرتها تباعاً في الفترة السابقة على شكل أبحاث علمية منفصلة في مواقع إلكترونية عدة، واليوم جمعتها في كتاب واحد.
يتناول الكتاب عناوين أساسية تتعلق بتاريخ التعليم والمدارس في كردستان من الفترة الإسلامية إلى يومنا هذا، والمدارس الكُردستانية القديمة أو كما يمكن تسميتها بـ(جامعات الأمس) تشكّلت وتطوّرت تاريخياً وفق مراحل مختلفة حيث لعبت السلطة السياسية والدينية دوراً فعالاً في تحديد ملامحها الأساسية. فتغيّرت أشكالها وتباينت مقاصدها وتعدّدت أهدافها. ورغم الجذور القديمة للتدريس في المناطق الإسلامية التي اتخذت من دُور العبادة مكاناً لها بداية، لم يأخذ التدريس شكله المنظَّم في (مدارس) مخصّصة بهدف التدريس إلا في مناطق جغرافية محددة، منها المنطقة الكُردستانية، والمناطق المتاخمة لها.
و – بناءً عليه – أتى البحث مُركِّزاً على (المدارس) في كُردستان ظهوراً وتطوّراً. بالإضافة إلى السير وفق التسلسل التاريخي بشكل متتابع وشامل بغية رسم صورة  (بانورامية) كاملة في ذهن القارئ، حيث تُزِيل – الصورة – بدورها كل غموض وشائبة وتفتح الآفاق أمام الحاضر من خلال سرد التاريخ العريق للمدارس الكُردستانية. ومن العناوين الأساسية أيضا، علاقة الكُرد بالدين، وقد وُجد الدين بوُجود الإنسان الأول، واستمرّ وُجوده عبر التاريخ، فتنوّعت أشكاله ومشاربه. ومن النادر حُدوث اجتماع بشري دون رؤية ظاهرة دينية. لذلك يكاد يكون الموروث الديني المتلاحق أكبر خزان معرفي يملكه البشر حتى الآن يمكن تسميته بالتاريخ الديني الإنساني المشترك لكل الشعوب. ومنها الشعب الكُردي الذي اعتنق عبر تاريخه أدياناً كثيرة مختلفة وصولاً إلى الإسلام؛ فالتاريخ الثيولوجي والأركيولوجي لكُردستان يثبت مرور الكُرد –  مثل غيره من الشعوب – بمراحل دينية مختلفة من بولثئيسمية (متعددة الآلهة) ودواليسمية (ثنائية الآلهة) ومونوثئيسمية (توحيدية)؛ حيث شهدت الجغرافيا الكردية على أرضها أدياناً متنوعة، وأبرزها المِترائية والزرادشتية واليهودية والمسيحية والمانوية والإسلامية. ويُعد الأخير – الدين الإسلامي – الأطول زمنياً من حيث الاستمرار في ثبات دعائمه. وكونه الأكثر تأثيراً في البنية السوسيولوجية (الاجتماعية)، بالإضافة إلى التركيب الفردي للشخصية الكُردية على الصعيد الابستمولوجي (المعرفي) والسايكولوجي (النفسي).
ومن العناوين الأساسية، رحلة العقل الكردي، وقد تطوّر العقل الإنساني عبر الزمن كضرورة حتمية لا مفر منها نتيجة لِشَرَه الإنسان الأبستمولوجي (المعرفي) النابع من فضوليته تارة، وبراغماتيته تارة أخرى. وتأثّر العقل الإنساني بجانبيه المادي والروحي – أثناء تطوره – بمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية المحيطة به. ونتيجة اختلاف هذه العوامل من شعب إلى آخر بحسب البيئة التي يعيش فيها، كونت هذه العوامل للشعوب عقلها الخاص بها، والمتميز عن غيرها. كما ان محاولة دراسة العقل لأي شعب يجب ان تعتمد على معرفة جيدة بالسياقات الطبيعية – مناخ وجغرافيا – والتاريخية والثيولوجية والقبلية والاجتماعية والسياسية، والحالة الراهنة، وتطلعات المستقبل. كي نفهم العقل الكُردي لابُدّ لنا من فك تركيب الكل إلى أجزاء يسهل التعامل معها، فهذا  سيُسهل من فهم العقل الكُردي، ولعل بعد تفكيكه – العقل – ننجح في تكوين نظرة وفرضية مستقبلية لإعادة تركيبه وإنتاجه من جديد. وسنتنقل بين ثنائية العوامل المؤثرة والعقل أثناء البحث مثل ان نفهم العقل من خلال فهم العوامل المؤثرة، وان نفهم العوامل المؤثرة من خلال فهم العقل، فقد نتمكن من سدّ الفجوات التي – ربّما – تنجم عن عدم توفر المعلومات الكافية التي ستُسهم في إجراء هذا البحث المزمع إتمامه. كما يحتوي الكتاب على مواضيع أخرى متنوعة. والعلم يعني مرحلة البحث عن الحقيقة، وليس الحقيقة بذاتها.