1364 | 3 | 3.4 MB

0.00

0

رواية رجل الشتاء أيام كثيرة وصغيرة تأليف يحيى امقاسم.. يطل علينا المؤلف برائعته السردية الثانية بعد رواية ساق الغراب، وهنا يجسد لنا تجربة مشاهدات رجل عربي هاجر من سوريا إلى عوالم أوروبا، يحكي لنا عن التغيرات الاجتماعية وملامح باريس وثقافتها والحرية ووضع المرأة هناك والعلاقات والصداقات وذاكرة العربي الهشّة في مواجهة كل هذه التحولات، ويحدثنا عن السياسة أو ما شبهه بلعبة النرد مع تجار الأسلحة، والمقاهي والشوارع وغير ذلك من المشاهدات المثيرة.
الرواية مترعة بالأفكار والنقاشات والجدالات، حتى أن بعض القراء قال: هل يحاول المؤلف أن يمزج بين نوعين من الكتابة؟ هل يمزج بين الرواية وبين الكتب الفكرية؟ وذلك لكثرة النقاشات والحوارات الفكرية حتى أن المؤلف استدعى كثيرًا من المفكرين مثل إدوارد سعيد ومحمد أركون والجابري والمهدي المنجرة وغيرهم، فهناك جانب فلسفي كبير في الرواية.
"بعد فترة عليها أن تتفهم استسلامي وعدم مطالبتي بإرجاع حقي. طبيعة عملي تتطلب ألا أدخل في وحل شكاوي حتمًا تصل إلى المرجع المختص في بلادي، عندها دون شك يتقرر إرجاع طرفيّ القضية للبلاد، عوضا عن تصعيد الأمر أكتفي بتقزم شخص المحتال أمام السيد خطاب -رئيس عملي والمشرف على المبتعثين للدراسة- شرط أخلاقي في تلك اللحظة، أن أشعر بالسيد خطاب يرص القلب بفضيلة الأناة. على هذه الصورة الحميدة لرئيس عمل حليم لا بد أنه صباحا وهو يطمئن لانضباط ربطة عنقه.. وهو يمسك مزلاج باب البيت متوجها للمكتب، يتمتم: يارب لا تجعلني أرد سائلًا.. ثم يدعو الصباح إلى طريقه
عن الأناة تحديدًا ستذهب ماتيلدا لأبعد منها، إلى خصلة الشكيمة، ولن يكون أمامها مثال غير القائد شارل ديغول في التزامه الصمت تجاه حركة مايو 1968. يشتغل جيدًا على ضبط النفس حتى يعود لباريس النبض بعد شهر من العبث".