الرواية لعملاق الأدب الروسي بلا منازع، يوضح المؤلف لماذا هذا الاسم "دم وخمر" للأقصوصتين.. فيقول أن الأقصوصتين تصوران حقبة من تاريخ روسيا لم يكن في كل البلاد شيء يُراق بإسراف ودون حساب قدر الدم والخمر.. دم الرقيق والفلاح، تلك الطبقة المستعبدة التي كان زمامها في أيدي الإقطاعيين، وهو دم لا يقتصر على ذلك السائل الذي يجري في العروق فحسب، بل يضم أيضا الدمع والعرق وعصارة الحياة.. ثم الخمر التي كان السادة يسرفون في إراقتها ليزدادوا انسياقا وراء لهوهم وعبثهم، كما كان العبيد يغرقون أنفسهم فيها لكي ينسوا.. ينسوا كل شيء!
القصة التي أذهلت تورجنيف قصة "للعبيد ضمير أو بوليكوشكا" كما أسماها تولستوي هي أقوى هاتين القصتين.. وهي صورة لحياة ربما شهدتها أجيال قبلنا في بعض البلاد العربية وهي تحرك أقسى القلوب الإنسانية صلابة، وتعلي من قدر الكرامة والعزة البشرية التي كانت كامنة تحت مظاهر الذل والإستكانة.