يحدثنا المفكر الجزائري الكبير، مالك بن نبي، في هذه الدراسة العميقة بأسلوبه الماتع وأفكاره المنظمة وعقليته الفذة، عن حركة التاريخ ويحللها لنا، كيف تكون ولماذا ومتى، ثم يربط الأحداث الكبرى التي شهدها العالم بهذه الحركة، فيضعها في نسقها الصحيح ضمن إطار تحليلي كامل، ومن هذه القاعدة يتطرق إلى العالم الإسلام ويطبق عليه رؤيته في حركة التاريخ ولكن على الحضارة الإسلامية فيحدثنا عن فترة العلو والسيادة وعن عصر الانحطاط والانهيار، وهنا يرى مالك بن نبي أن العرب عادوا إلى الجاهلية مما جعلهم أمة قابلة للاستعمار، ويسلط الضوء هنا على نقاط محورية مثل نكسة ما بعد الموحدين ثم يربط الشخصية المسلمة بهذه الحركة المستمرة. وكذلك ينطلق من هذا إلى وصف وتحليل الحضارة الغربية وموقعها من هذه الحركة.

ويقدم لنا مالك بن نبي رؤيته حول الحركات النهضوية والإصلاحية في العالم الإسلامي ويوضح نقاط ضعفها، ونقاط قوتها، فيتحدث مثلا عن حركة الأفغاني الثورية وحركة محمد عبده، ويقدم رؤيته حول كليهما بنظرة ثاقبة تميزه عن غيره وتدل على أنه متابع قوي لتاريخ هذه الحركات، وعلاقاتها بالمجتمع الإسلامي، والأهداف التي حملتها على عاقتها ومدى امتلاكها للأدوات التي تؤهلها لأداء هذه الأهداف. ويحدثنا كذلك عن الاستعمار وطرق مقاومته وما سماه القابلية للاستعمار وهو من النقاط الخطيرة في الكتاب، ويحدثنا عن مقومات الحضارة.