لم يتوقف أثر الاحتلال على نهب ثروات البلاد الإسلامية والعربية فقط، بل تجاوز هذا الأمر إلى ما هو أعمق منه بكثير، فقد أثر الاحتلال بشكل مباشر على الجانب الفكري لدى البلاد المحتلة، وغيّر الكثير من الأفكار وبدلها بأفكار حداثية ظهرت في مجالات مختلفة، في الأدب والدين والفكر والسياسة وغير ذلك. ومن هنا ظهرت المناهج الحداثية والتوافقية في البلاد الإسلامية وكان هواها غربي بشكل واضح وملحوظ.
كتاب الفكر العربي في عصر النهضة تأليف ألبرت حوراني.. يتناول الكتاب الفكر العربي السياسي والاجتماعي الذي أوجده التطور الأوروبي وخلقه في البلاد العربية، حيث يركز المؤلف على فترة تاريخية هامة كانت الشعوب العربية مشدودة بطرق مختلفة نحو النظام العالمي الجديد المنبثق من الثورة الصناعية والتقنية وهي الفترة من 1798 إلى 1939 .. يرصد لنا كافة التحولات الفكرية وكيف ظهرت في الدين وفي السياسة وكيف تجلت من خلال بعض الحركات والأحزاب الحداثية.
يبدأ الفصل الأول بالحديث عن الدول الإسلامية ويخصص الفصل الثاني للحديث عن الإمبراطورية العثمانية، والفصل الثالث يناقش فيه الانطباع الأول عن أوروبا ثم ينتقل بعد ذلك للحديث عن أول الأجيال الحداثية: الطهطاوي، خير الدين، البستاني.
والفصل الخامس والسادس يحلل فيه المؤلف أفكار محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، ويخصص الفصل السابع للحديث عن الإسلام والمدنية الحديثة، والفصل الثامن يتناول القومية المصرية، ويحدثنا في الفصل التاسع عن رشيد رضا، ويعتبر الفصل العاشر من أهم فصول الكتاب حيث يرصد فيه الكاتب طلائع العلمانية، وبقية الفصول تتحدث عن القومية العربية وطه حسين ونظرة عابرة بين الماضي والمستقبل.