كتاب حقول الدم الدين وتاريخ العنف تأليف كارين آرمسترونغ، ترجمة أسامة غاوجي.. مسيرة الإنسان في هذه الحياة طويلة وحافلة بالأحداث الكبرى، وهذا ما يتتبعه الكاتب، البداية من عند مرحلة الصيد ومهد الحضارة الزراعية والنهاية عند عصر العولمة والحرب على الإرهاب وبحور الدماء، ويظل السؤال الحاضر في كل أبحاث هذا الكتاب: ما علاقة الدين والعنف والحضارة أو الدولة؟ يرى التيار العلماني ضرورة الفصل بين الدين والدولة، ويربط بين أفعال العنف والدماء وبين الدين، لأن كل طرف من الطرفين المتنازعين يرى أن الله معه.. وهذا الافتراض العلماني هو ما تبحثه المؤلفة بالنقد والفحص لإثبات صحته أو الخطأ فيه.
قامت المؤلفة في هذا الكتاب بهدم أسطورة العنف الديني، وتبرز لنا الكثير من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتشابكة والمعقدة والتي تقف خلف حالات العنف، أو لنقل خلف أغلب حالات العنف الموصوفة بالطابع الديني، وهي بذلك تثبت أن العنف الديني مجرد أكذوبة، تنتجها الأنظمة الحاكمة عبر التاريخ لتبرير أفعال الاستبداد والقمع، وبعد بحث طويل وتتبع شاق لمسيرة الإنسان تخلص المؤلفة إلى أن العنف يتولد من الاستبداد، وليس من الدين.. وهنا تستعرض الكثير من الأحداث التاريخية مثل مذابح الحملة الفرنسية والحروب النابوليونية والحرب الأهلية الأمريكية والحرب العالمية وغيرها.
القسم الأول من الكتاب يعرض لنا البدايات، وهنا يحدثنا عن المزارعين والرعاة وعن الهند والصين والمعضلة العبرانية، والقسم الثاني من الكتاب عن الحفاظ على السلام، ويناقش فيه موضوعات مثيرة، مثل المعضلة الإسلامة والحروب الصليبية والجهاد، ومأساة الإمبراطورية في بيزنطة، ولمن يكون هذا العالم؟ .. والقسم الأخير بعنوان الحداثة ويحدثنا عن الانتصار العلماني ومقاومة الدين، والجهاد العالمي والإرهاب المقدس وغير ذلك من المحاور.