كتب متنوعة
من المخلوقات الوهمية لـ بورخيس ويليه ضيفًا على بورخيس
0.00
0
خورخي بورخيس إنه ذاك الكتب الذي حظي بنوع آخر من الدمج بين شخصه وأدبه، ولم يكن ساعياً منه، في ما يكتبه أساساً، الى تصدير ذلك النوع من البطولة، إذ يبدو عالمه أكثر تفصيلاً واجتزاء، وأكثر سعياً الى تمثيل الأفكار التي تدور في الرأس، وقد لا تخرج منه في الغالب، في مرة يسعى الى أن يلتقط، في واحدة من قصصه، ما شعر به إبن رشد في وقت ما من أوقات بعد الظهر فيما كان يسير في حديقته بمحاذاة البركة التي يرتفع ماء من نافورتها، فقط ذلك الشعور، إدراكه أو تمثّله، في مرة أخرى يسعى الى إقامة التماثل بين المرايا والمتاهات، فيكتب قصة من أجل أن يقول، فقط، انهما شيء واحد(في الكتاب الصادر بعنوان كتاب المخلوقات الوهمية، والذي يضم أيضاً نصاً لألبرتو مانغويل بعنوان ضيفاً على بورخيس يذكر مانغويل، الذي كان أحد الذين كانوا يقرأون الكتب لبورخيس في عمان، كيف ان الأخير كان مهجوسا بالمرايا والمتاهات حد الرهاب)، في مرة ثالثة يُجري في رأسه، في داخل رأسه، تلك العمليات المعقدة لتصنيف الحيوانات، فقسّم أنواعها على نحو جعل ميشال فوكو يتخذه مثلاً على احتمال أن ينجح عقل، أو خيال، في أن يضعا تراتباً خالياً خلوّاً تاماً من أي سياق، في فقرة تصنيف الحيوانات تلك، التي زعم بورخيس، كاذباً بحسب مانغويل، انه وجدها في إحدى الموسوعات الصينية القديمة، بدا مشغوفاً بمسخ الكائنات (مثلما هو عنوان كتاب أوفيد)، ولذلك أعد كتابه عن المخلوقات الوهمية، تلك التي خرجت من ميثولوجيا الشعوب القديمة ومن الأساطير ومن مخيلات الكتّاب في العصور المختلفة، كان يحب أن يرى، أو يتخيل، الأشياء في صور غير سوية، وفي الكتاب عن المخلوقات الوهمية يبدو كأنه يفعل ذلك ليسلّي نفسه، كما من أجل أن يُضحك نفسه أيضاً، كان اهتمامه بتلك المخلوقات الوجه الآخر، التهكّمي، لولعه بالميتافيزيقا، ذلك الذي يشير اليه مانغويل في نصه، وهي الميتافيزيقا التي كان يهيئ نفسه للذهاب فيها الى أبعد ما يستطيع، وذلك بعدما أدرك انه مقبل لا ريب على العمى الكامل، فأوسع عقله ومخيلته لكي تجري الأشياء فيهما بعد أن يتوقف بصره عن التقاط العالم الذي حوله.
يجب تسجيل الدخول او الاشتراك
للتمكّن من تحميل الكتاب بالإضافة إلى ميزات أخرى مفيدة للقارئ (الاشتراك مجاني)