لم يكن يوم الاثنين الثامن من ربيع الأول عام الفيل ، الذي وافق التاسع عشر من أبريل سنة إحدى وسبعين وخمسمائة بعد ميلاد المسيح - عليه السلام - لم يكن هذا اليوم إيذاناً برسول عظيم فحسب ، وإنما كان - مع ذلك - إيذاناً ميلاد أمة يجمعها هذا الرسول على الحق والخير ، وترسم لها هداية السماء طريقاً محددة ، واضحة المعالم ، مأمونة العثرات لتسير فيها على هدى وبصيرة لتبلغ أسمى الغايات في الدنيا والآخرة، ولم يكن أحد في ( مكة ) بدري شيئاً إلا أنه ولد طفل يتيم في بني هاشم ، وأنه أشاع السرور بين أفراد العشرة ، ومن يتصلون بها من الحيرة والأصدقاء ، وأشاعت ولادته كثيراً من الرضا في أهل مكة ، لأنه سيكون ذكرى والده الذي احتضر في ريعان الشباب بعيداً عن أهله وموطنه.