لو لم تكن تشعر بالاهتمام بموضوع الكتاب إلا أنك ستنجذب لقراءته صفحة بعد صفحة لجمال ودقة الأحداث التي يسوقها مؤلفو الكتاب!
الكتاب يتحدث عن تاريخ الطب الغربي وأهدافه في المستعمرات في القرنين الماضيين، ويعيد تقييم الطب الغربي باستخدام نظرة شاملة تتضمن تفاعلات وتأثيرات العوامل السياسية والاقتصادية والبيئية لدى الحكام والمحكومين، كما يبيّن أن إدارة المستعمرات كثيراً ما استخدمت الطب الغربي لتبرير شرعيتها وإثبات تفوقها أكثر من استخدامه لفائدة الشعوب المحكومة، بل إن محاولات إدخال ممارسات الطب الغربي في المجتمعات المحلية كانت أحياناً تؤدي إلى أضرار أكثر من المنافع خاصة عند محاولة فرضها بالقوة على ثقافات ترفضها.
والكتاب من خلال مناقشة ذلك بأسلوب شائق وأحياناً ساخر يلقي ضوءاً جديداً على قضايا وثيقة الصلة بما يدور حالياً من جدل حول تنمية العالم الثالث وأحواله الصحية.
كما أنه يلقي ضوءاً على بعض النواحي الشعبية والفولكلورية في ممارسة الطب والمعتقدات الطبية لدى الشعوب، وهو بهذا يبين مدى الترابط والتداخل بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، ويجعلك تفكر ملياً في دراسة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع قبل الإقدام على فرض أي تداخل صحي.