قصة منتصر القفاش “أن تشاهد هذه اللحظة” عمل قصير ومحكم. تبدأ بشخص يعن له ذات مرة أن يصور قرينته
عارية. وما تلبث عمره في التعقد حين تقع صور قرينته العارية في يد أحدهم فيرسل بنسخة منها إلى القرين
إبراهيم”، وهو الراوي والبطل اللازم، الذي يفاجأ بأن هنالك صورة منسوخة من الصور عند كثيرين آخرين، ثم تبلغ
صورة منسوخة من الصور إلى القرينة نفسها! لكن الكاتب يستعمل تلك النكبة التي تتحسن، فقط لأجل إيضاح
أزمة البطل الحقيقية وتكثيفها أمامنا. ذاك أن إبراهيم مهدد بالفصل من عمله مثلما أن حكاية الصور تنبه بتقويض
عمره الأسرية. وهو وإذا كان يحيا مع قرينته بل له عشيقة. إنه فرد توتر، مهدد، مصيره مضيفا تعليقا بخيط دقيق،
وهو ضال قد يحكم ساعات طوالا في ثرثرة فارغة مع صديقته “سوداء”. إنه يأمل لو تمَكّن: “بضربات المياه التي
يغسل بها وجهه أن يدفع هذا الوجه إلى الداخل”. إنه البطل الذي يحيا بلا أحلام، ولا تصارع، ولا أيديولوجية، بطل
تكفي بحت مصادفة أو نزوة عابرة لتدمير وجوده في الدنيا. إنه شخصية مسلوبة الإرادة والقدرة، قشة ضئيلة قد
تقلب وجوده في الدنيا جميعها بشكل مقلوب، وتحيله إلى لا شيء: محض كومة من الأعصاب المحترقة.