هذه الصفحات القليلة ليست ترجمة تقليدية لحياة الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده (1266- 1323هـ 1849- 1905م)، فلقد وضعت لحياته العديد من الترجمات، على أسس متعددة ومتباينة من المناهج الخاصة بالترجمة لحياة العظماء، والمفكرين، والحكماء. ففي سطور شديدة الإيجاز سنكثف أحداث حياته الفكرية والعملية، مبرزين أهم قسماتها، واضعين اليد على عوامل تكوين هذه القسمات، مشيرين إلي درجات التطور التي حدثت له في المراحل التي مرت بها حياته. وفي كل ذلك فنحن نستفيد من كل ما قرأناه مما كتب عنه، وبالدرجة الأولي نحتكم إلي أعماله- الفكرية- هو، بعد الجمع لها- وهو ما يحدث للمرة الأولى- وبعد التحقيق العلمي لنصوصها كي تتميز عن نصوص غيره- وهو ما يحدث أيضاً للمرة الأولي- وهما الأمران اللذان أتاحا لنا تصحيح العديد من تواريخ الأحداث الفكرية والعملية التي شهدتها حياته، والتي أخطأ في كثير منها من كتبوا له وعنه بعض الترجمات.ولقد أعاننا على هذا التصحيح أيضاً ما أتاحه لنا جمع أعماله وتحقيقها، ومن ثم اكتمال معالم فكره في حركته وتطوره، وما أتاحه لنا ذلك من تقديم دراسة عن فكره السياسي والاجتماعي، نعتقد أنها قد حسمت ذلك الجدل والتخبط الذي لازم الحديث عن هذا الجانب من آثاره، ما يزيد علي قرن من الزمان. فــبطاقة حياته الفكرية والعملية التي نقدمها في هذه الصفحات القليلة، هي ثمرة لجهد من سبقنا في الترجمة له، ولتلك الإضافات الأساسية الجديدة التي يقدمها جمع أعماله وتحقيقها، وما أثمره هذا الجمع والتحقيق من تقديم الصورة الدقيقة والمتكاملة عن أحداث حياة هذا المفكر الكبير.