رواية وجهة البوصلة نورة الغامدي في روايات عربية تبدأ رواية وجهة البوصلة لنورة الغامدي من النهاية، من نزول علامة كمطر أمل دنقل الذي يغسل الغصون، وليس كمطر مدمر سبق وأن مر بحياة الراوية فخلف سيلاً ترك الموت الذي وسم عادات قريتها، وأخذ أبناءها المطر في الرواية يأتي على مستويين مثل البشر مطر قوي مدمر وآخر رحمة تسرد الرواية تفاصيل ذاكرتها بتماوج زمني يتقدم ويتأخر، تستعرض من خلاله بانوراما أحداث جمة سياسية وتاريخية واجتماعية وتنتقل بالزمن من قديم الجزيرة إلى حديثها ومن ذكر معصار الأحقاف إلى حرب الخليجفي سريالية سردية مرة تأخذ شكل الأسطورة ومرة شكل التقاليد ومرة مجرد ثرثرة تعيد ترتيب الداخل كل ذلك يحدث عبر حوار هاتفي مع علامة الذي تختصره الراوية في أكثر المواضع بـحنجرة معقود بآخرها العسل، صوته موصل أفكاره التي نجحت أخيراً في توجيه البوصلة حيث مكان يسرب الأمن ومن بداية الصفحات تبرز لنا صورة فضة قريبة الراوية وصديقتها التي لا تفتأ تذكرها، لنكتشف مع مرور الصفحات أن كل هذا الحضور ليس إلا لـميتة لكنها لا تزال تسيطر على الراوية، ربما لقوة شخصيتها وسيطرتها عليها قبل أن تموت، فقد كانت فضة هي النصف الأقوى للراوية، وهي التي أحبها ثامر وهي التي تزوجها حمود قبلها والراوية لا تبين منذ البداية فرق فضة عنها لكنها تفاجئنا به عنوة في ص فقد اكتشفنا معاً ونحن نتجاوز مرحلة من العمر، أننا من عائلة واحدة لكن بلونين متغايرين، ولهجتين مختلفتين، وطبقة اجتماعية بعيدة كل البعد عن الطبقة التي تنتمي لها الأخرى تتحدث الراوية عن فضة أكثر مما تتحدث عن نفسها، تقارن بينهما دائماً فضة اليتيمة التي مات أبوها وأمها، والراوية اليتيمة المزورة التي هربت أمها وتركها أبوها، فضة التي كانت تحمل عبء لونها ووصايا عمتها بركة تموت وتورث ذاكرتها للراوية لتبؤ بعبء الظلم والعنصرية والازدواجية التي لا تستطيع الاستمرار في حملها فتهرب من البيت هرباً منها وتسردها في أحاديث متداخلة علها تخرج فلا تعود وتظل فضة مهيمنة على الراوية حتى آخر صفحة لتسألها عن كلمتها الأخيرة وعندما تتحدث الراوية عن الفقد لا تذكر الأب لكنها تنادي على أمها كثيراً، ص أنادي على أمي أصبحت أهذي مثل بركة، ص أمي فضة لها بركة لكن أنا أخشى من أن يأكل حمود لحمي وفي أعلى مستوى للألم والاحتياج والفقد تقول ص وصحوت ذات صباح على دمعة كبيرة تحوّرت فوق مخدة أمي الخالية التي احتضنتها لأنام عليها ثمانية أعوام دون أن أغسل غطاءها خشية أن أفقد رائحتها هنا نجد سر تعلقها الشديد بـفضة الفقد فقد الأم وفقد الأهل وفضة هي الخيار المتاح لها، فهي في مثل عمرها ظروفهما تتشابه بيدأ أن يتم فضة حقيقي ولهذا هي أقوى، مات أبوها ولم يتخل عنها ماتت أمها ولم تهرب وتتركها تموت فضة بعد أن نجحت مبدئياً بما كلفتها به عمتها بركة لكنها لا تتمه لذلك ترفض أن تموت وكتعبير لرفضها هذا تختفي جثتها لتبقى هاجساً لـالسبتي وحمود وعقاباً لهما على عنصريتهما ضد العرق الدخيل على العائلة تأخذ نظرة الراوية للموت أوجهاً عدة، فموت فضة مريع مفاجئ، موت السبتي أحسته قبل أن يكون، موت بركة عادي لكن لماذا تشبه الراوية فضة بـبغداد، ولماذا تقارن بينهما في إشارات متقطعة تُدخل السياسة أيضا في جبر كرمز للقضية الفلسطينية التي نسيت حسب رأيه ص بلد منسي في زحمة التاريخ المضطرب والقضايا العقيمة جبر الذي ينادي بالتطبيع ص يا أخي كلنا بشر، والرب واحد، وكل يعبده بطريقته متناقض هو الآخر إذ كيف يهرب ثم ينادي بالتطبيع لو كان الوضع يستوعب التطبيع فلماذا هرب أصلاً ثامر مثقف يهرب من حياته لحياة أخرى، يستمتع في القرية الصغيرة وكأنه يستجم في رحلة ص ما أجمل المكان في المساء ما أجمل صباحاتي بطيورها ما أروع فرح النساء بي وهن يتأملنني كأنني كائن هبط من العلياء تناقش الراوية موضوعات مهمة خاصة بمجتمعها في سرد متدفق فترفض بعض المفاهيم التي تكوّن علاقة الرجل بالمرأة وتشرّح المجتمع بدقة على لسان علامة الرجل الحلم كما في ص ما أريد أن أصل إليه في النهاية، هو أننا كشرقيين كرجال ملاعين والدين فواحدنا ينظر كثيراً ليس من أجل شيء إلا لأجل أمر واحد فقط يريد أن يصل إليه فهو لا يشرح ولكنه يبرر ما يريد فعله مقتنعاً أو ليس مقتنعاً فهذه مسألة أخرى وهو يريد أن يبرر غير هذا لا يوجد كما تظهر في الرواية لعبة الأسماء جلية بداية من اسم الراوية الذي لا تبوح به إلا من خلال حنجرة علامة المغسولة بالعسل ص قلنا يا ناريمان اشتاقي وناريمان اسم غريب على البيئة الجنوبية، لكن الراوية تشير إلى أن أمها هربت إلى أستنبول وكأنها تومئ بأنها من أصول تركية و بذلك يمكن أن يبرر اسم ناريمان ولو حاولنا تعريبه لقسمناه إلى نار إيمان وعندما لم تصرح به إلا بحنجرة علامة فهل كان الإيمان به ونار الشوق التي يحاول إشعالها فيها فضة أيضاً له دلالته فالفضة معدن نفيس لكنه ليس كالذهب خاصة لدى المقتدرين مادياً بركة التي ظلت طوال عمرها بركة البيت لا أكثر جميلة عذبة زينة نساء جميلات جبر كان يجبر بخاطرهن جميلة فضة الراوية ثامرخدعة كبيرة أثمرت عن تغير وجهة البوصلة عبد الرحيم السبتي الذي نسي أنه إنسان ص، لينادى بالسبتي فقط وعلامة العلامة الفارقة ص، والتي انتهت روايتها وهي تحاول أن تعبر عن شعورها تجاهه ص كم أحب الله الذي خلق من أجلي كائناً مختلفاً بنكهة مميزة لا علاقة لها بالأرض ولا بالسماء ولا بالموت ولا الحياة ولا بالجن ولا بالأنس علامة ناموس يميتك ويحييك أما عن القول بأنها سيرة ذاتية فأي كاتب لا يستطيع التحلل من شخصيته وتاريخه وأفكاره وتجاربه وليس معنى ذلك أنها قصة حياته نورة الغامدي ساردة من نوع مميز ننتظر منها الأكثر
يجب تسجيل الدخول او الاشتراك للتتمكن من تحميل الكتاب بالاضافة إلى ميزات اخرى مفيدة للقارئ مع العلم أن الاشتراك مجاني
كتب مشابهه
كتب من نفس القسم
جميع حقوق الطبع أو التأليف لأصحابها ويتم نشر كل ما هو متاح على الانترنت .... وإذا وجدت أي كتاب ينتهك حقوق الملكية برجى التواصل معنا على البريد الالكتروني info@novbook.net