في ذالك اليوم بدت صفية شاحبة كما رأيتها أول مرة ، و رغم أنني أعلم أنها في الثانية و العشرين من عمرها إلا أني كنت أنظر إليها على أنها في الأربعين أو أكثر ، لم يكن هناك ما يدل على أنّها حية إلا لون شفتيها الوردي و بريق عينيها . صفية بئر الأحزان ، لم تحاول فتح فمها لتشكو ، فقد كانت تعلم أن الشكوى تعني كشف الأسرار، لم تعاتب أباها يوما كما فعل إخوتها مرارا ، كيف تعاتبه على إرث ، توارثته أسرته لآلاف السنين و رفض هو توريثه لأبنائه ، أليس هو صاحب الإرث ، إذا فليفعل به ما يشاء . لم تحمله يوما المسؤولية عن موت والدتها ، رغم أنها كانت حينذاك في العاشرة من عمرها فقط إلا أنها كانت تعلم أنّ والدتها كانت تنتظر الموت و مستعدة له . صحيح أنها كانت أصغر آل مرواني سنا إلا أنها كانت أكثرهم اتزانا في مسألة إلقاء اللوم على السيد عبد القدوس ، فقد كانت تفخر بشجاعته في اتخاذ قرار الانشقاق عن الشجرة الملعونة ، و مع ذالك فقد كانت تحس في قرار نفسها بأنه لو أجاد التصرف لاستطاع المحافظة على أسرته . لمّا رأتني ابتسمت و قالت : ̶ هل انتهت رحلتك مع يوهان ؟
يجب تسجيل الدخول او الاشتراك للتتمكن من تحميل الكتاب بالاضافة إلى ميزات اخرى مفيدة للقارئ مع العلم أن الاشتراك مجاني
كتب مشابهه
كتب من نفس القسم
جميع حقوق الطبع أو التأليف لأصحابها ويتم نشر كل ما هو متاح على الانترنت .... وإذا وجدت أي كتاب ينتهك حقوق الملكية برجى التواصل معنا على البريد الالكتروني info@novbook.net